تقرير تحليلي: هل تخفض الإعفاءات الضريبية أسعار الدواجن فعلًا؟ الأزمة بين المربي الصغير ولوبي الدواجن

الإعفاءات الضريبية لأسعار الدواجن: خطة الإنقاذ أم خطة لوبي الدواجن لرفع الأرباح؟

✍️ سالم القادري – مدير نشر المنظار 24

هل ستشهد جيوب المواطنين انفراجاً في أسعار الدجاج الأبيض قريباً؟ هذا هو السؤال الذي يطرحه الجميع بالتزامن مع تجدد المطالب البرلمانية والمهنية بضرورة مراجعة النظام الضريبي.

تتجدد المطالب بالإعفاءات الضريبية على قطاع الدواجن. تبدو هذه المطالب، التي تشمل إعفاء الأعلاف والكتاكيت من الضريبة على القيمة المضافة (TVA)، ضرورية لمواجهة ارتفاع كلفة الإنتاج. لكن الواقع أكثر تعقيدًا، إذ يطرح تحليل السوق تساؤلات جدية: هل سيذهب هذا التخفيف الضريبي لإنقاذ المربي الصغير والمستهلك، أم لتعزيز أرباح الشركات الكبرى المعروفة بـ “لوبي الدواجن”؟

بالرغم من كون الإعفاءات الضريبية لأسعار الدواجن مطلباً عادلاً لمواجهة أعباء الإنتاج، إلا أن التجارب السابقة تشير إلى أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لخفض التكاليف (مثل الإعفاء من الرسوم الجمركية على الأعلاف المستوردة) لم تنعكس بشكل كافٍ ومستدام على أسعار البيع للمستهلك.

هنا تتضح المفارقة: من هو المستفيد الحقيقي؟ إذا كان هدف الإعفاء هو خفض التكلفة، فإن المربي الصغير لا يشتري الأعلاف بشروط تفضيلية، بل بشروط آجلة وصعبة تفرضها عليه الشركات المدمجة في القطاع. حتى مع انخفاض سعر الأعلاف، يبقى المربي الصغير عاجزًا عن الاستفادة بسبب تحكم الشركات الكبرى في السوق. هذا ما يثير الجدل من جديد حول ما إذا كانت هذه المطالب تخدم المصالح العليا لـ لوبي الدواجن لتوسيع هوامش ربحه في قانون المالية 2025.

إن الأزمة تتجذر في سيطرة الشركات الكبرى التي تدمج إنتاج الكتاكيت والأعلاف والتسويق، مما يجعلها تتحكم بالأساس في سلسلة القيمة. هذه السيطرة تفتح الباب أمام استمرار تهميش الفلاحين الصغار والمتوسطين، الذين يمثلون القاعدة الإنتاجية للقطاع.

وفقاً لـ تقرير مجلس المنافسة، يعاني سوق الدواجن من هشاشة كبيرة، حيث أن جزءاً كبيراً من لحوم الدواجن يسوّق عبر قنوات غير مهيكلة. هذا الوضع يعزز سلطة الوسطاء ويصعّب الرقابة على الأسعار. وتكمن المفارقة في أن لوبي الدواجن يستفيد من الارتفاعات القياسية للأسعار في أوقات الذروة، بينما يظل المربي الصغير يعيش وضعاً اقتصادياً صعباً يهدد استمرارية نشاطه بسبب تراكم الديون وتقلص هوامش الربح.

لضمان أن يكون التخفيف الضريبي داعماً فعلياً للأمن الغذائي والمربي البسيط، وليس مجرد دعم جديد للشركات المهيمنة، فإن الحكومة مطالبة بإجراءات حاسمة وموازية:

  1. الربط المشروط للدعم: ربط أي إعفاء ضريبي جديد (مثل الإعفاءات الضريبية لأسعار الدواجن) بتحديد سقف لأسعار البيع عند باب الضيعة أو بسعر مرجعي للمستهلك، تفعيلاً لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة.
  2. إعادة هيكلة الديون: الاستجابة لمطلب المهنيين بجدولة الديون المتراكمة وإلغاء الفوائد البنكية التي أثقلت كاهلهم.
  3. تفعيل دور مجلس المنافسة: ضرورة فرض رقابة صارمة على الشركات الكبرى في مجال الأعلاف لضمان انتقال خفض التكاليف فعلياً إلى صغار المربين، وتفعيل آليات كسر الاحتكار.

إن تحقيق التوازن والاستدامة في هذا القطاع الحيوي يتطلب رؤية جديدة تركز على الإصلاح الهيكلي لكسر هيمنة لوبي الدواجن، وضمان أن يخدم الدعم الحكومي هدفين متلازمين: إنقاذ المربي الصغير واستقرار أسعار الدواجن في السوق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى