الانهيار من الداخل: انقسام في حكومة أخنوش يعكس ضعفا في التماسك الحزبي والسياسي


برز مصطلح “معارضة من الداخل” باعتباره وصفًا لحالة التوتر التي تعيشها مكونات الأغلبية في الحكومية المغربية، خصوصًا حزبيَّ الأصالة والمعاصرة والاستقلال، هذه الحالة تنمّ عن انقسام داخلي يعكس ضعفًا في التماسك الحزبي والسياسي، وقد يُمثّل “انهيارًا من الداخل” إن لم تُدار الخلافات بحكمة وإصلاح، تمّت توزيع الحقائب بين هذه الأحزاب، حيث حصل “البام” (الأصالة والمعاصرة) و”الاستقلال” على حصص وزارية معتبرة إلى جانب التجمع الوطني للأحرار المنتمِي إليه رئيس الحكومة، هذا التوزيع يُفترض أن يوفر مناخًا للتعاون والتكامل، لكن ما ظهر مع الوقت هو أن وجود الخلافات قابل أن يتحول من اختلافات محدودة إلى أزمات داخلية تؤثر على صورة الحكومة، الأداء المؤسساتي، وثقة المواطن، من خلال عدد من المواقف الصحفية أو التصريحات البرلمانية والوزارية، برزت علامات على أن بعض أعضاء هذه الأحزاب لا يتماهون تمامًا مع سهم الشراكة الحكومية، بل يميلون إلى انتقاده من الداخل، حيث نجد أن وزراء من حزب الاستقلال بدا أنهم “ينعزلون” عن باقي أعضاء الحكومة في جلسة مساءلة رئيس الحكومة، من حيث الجلوس ومن حيث المشاركة، هذا الانعزال لا يقتصر على الجلوس فقط بل يمتد أحيانًا إلى اختلاف في الردود أو التفاعل مع أسئلة النواب، أو تجاهلها، نواب من المعارضة ومن داخل الأغلبية يشيرون إلى أن بعض الوزراء يتغيبون باستمرار عن جلسات الأسئلة الشفوية والكتابية، أو يؤخرون الرد على طلبات الاستفسار البرلمانية، الغياب هذا يُنظر إليه باعتباره عدم احترام لالتزامات دستورية ومؤسساتية ولواجب الشفافية والمساءلة .

قيادي من “الأصالة والمعاصرة”، مثل وزير الشباب والثقافة والاتصال محمد مهدي بنسعيد، تحدث عن وجود “اختلافات في الرأي داخل الأغلبية”، مع تأكيد على أن هذا أمر طبيعي، لكنه يعكس أيضًا القلق من أن التماسك قد يتضرر إذا لم تُعالج هذه الاختلافات. الخلافات بين الأحزاب فيما يخص أداء الوزراء، توزيع المسؤوليات، الانتقاد العلني لبعض الحقائب الوزارية أو لتصرفات بعض القيادات، تظهر من حين إلى آخر عبر الإعلام أو اللقاءات الحزبية، ترددت أنباء عن أن بعض وزراء حكومة أخنوش قد “يعيشون أيامهم الأخيرة” أو أن تعديلًا وشيكًا سيطال الحكومة، مما يُظهِر أن هناك تقييمًا داخليًا لأداء الأعضاء وقد يكون أحد طرفي “الانهيار الداخلي”، منطق “الانهيار من الداخل” لا يعني بالضرورة تفككًا نهائيًّا، لكنه يشير إلى مؤشرات قوية تُخرج الحكومة من دائرة التناغم إلى تنازع داخلي، يمكن أن يؤدي إلى ضعف في اتخاذ القرار الدوري والمستقر بسبب الصراعات الحزبية أو تردد بعض الوزراء في تنفيذ القرارات التي قد تعتبر “مخيّفة” داخل الحزب، فقدان للمصداقية أمام الرأي العام، خصوصًا عندما تُرصد التناقضات العلنية أو الانسحابات الرمزية (كالمقاطعة أو الانعزال)، تأثير سلبي على الأداء الحكومي والتنفيذي، لأنها تحتاج من كل الأطراف تضامنًا ووضوحًا في المسؤوليات، خصوصًا في السياق الاقتصادي والاجتماعي الصعب، في أسوأ السيناريوهات، إمكانية تعديلات وزارية كبيرة، أو حتى إعادة ترتيب كامل للحكومة، أو تأرجح في التحالفات الحزبية.
إن تباين المصالح الحزبية عند كل حزب من الأحزاب المشاركة في التحالف لديه قواعده الشعبية، انتظاراته، وأولوياته التي قد تصطدم أحيانًا مع قرارات الحكومة أو توجيهات رئيس الحكومة، توقعات المواطنين المرتفعة فيما يخص الأداء، خاصة فيما يخص القدرة الشرائية، الخدمات الأساسية، ومحاربة الفساد، مما يضع ضغطًا على الوزراء، وقد يؤدي إلى انتقادات داخلية عندما لا تُلبى هذه التوقعات، غياب آليات قوية للمحاسبة الداخلية ضمن التحالف، أو ضعف الوسائل التي تُربط بين الأداء الفعلي للوزير والتزامه أمام حزبه أمام الحكومة أمام المواطنين، التواصل الحزبي والإعلامي، الخلافات التي تخرج عبر الإعلام أو وسائل التواصل الاجتماعي تزيد من تأزيم الأجواء وتجعلها أكثر وضوحًا أمام المواطن، وتحوّل الاختلاف إلى مُشكلة عامة، “معارضة من الداخل” في حكومة أخنوش، كما يعبّر عنها بعض وزراء وأعضاء برلمان من حزبي الأصالة والمعاصرة والاستقلال، ليست مجرد إشارة احتجاجية عابرة، بل مؤشر على توتر بنيوي يحتاج إلى التَدارُك. إذا بقيت الخلافات مكتومة أو تُدار فقط إعلاميًّا، فإن ما بدأ كاختلافات داخل الأغلبية قد يتحول إلى أزمة سياسية، قد تصيب الاستقرار الحكومي، أو تضعف الأداء، أو تُفقد الثقة الشعبية.

