النيابة العامة تفتح تحقيقات في خروقات مالية خطيرة تطال رؤساء جماعات مغربية

✍️ هيئة التحرير – المنظار 24
بدأت تقارير المفتشية العامة للإدارة الترابية والمجالس الجهوية للحسابات طريقها نحو النيابات العامة المختصة. هذه التقارير تكشف عن خروقات مالية خطيرة مرتبطة بسندات الطلب، طالت رؤساء جماعات في جهات مغربية متعددة. تشمل هذه الجهات الدار البيضاء- سطات، ومراكش- آسفي، والرباط- سلا- القنيطرة، وبني ملال- خنيفرة.
وتشير التسريبات من هذه التقارير إلى تسلم رؤساء مجالس شيكات على سبيل الضمان. كان الهدف المعلن هو إرجاع هذه الشيكات بعد إنجاز الأشغال وفق المواصفات. إلا أن جهات الرقابة رصدت اختلالات كبيرة، مثل صرف مبالغ مالية مقابل مواد بناء لم تُسلّم فعلياً. كما تم الكشف عن تورط رؤساء في استعمال سندات طلب “وهمية”، حيث سجلت تناقضات واضحة في الوثائق والسجلات المصرح بها. إضافة إلى ذلك، جرى أداء مبالغ ضخمة لشركات بعينها دون احترام المساطر القانونية للصفقات العمومية.
وتؤكد المصادر أن التلاعبات بسندات الطلب امتدت لتشمل صرف مبالغ كبيرة مقابل شحنات مواد بناء لم يتم توريدها أبداً. لوحظت تناقضات صارخة بين سندات الطلب ووثائق التسليم وإبراء الذمة للموردين عن خدمات لم تنجز. وحذرت تقارير التفتيش من لجوء بعض رؤساء المجالس إلى شراء كميات ضخمة من مواد البناء بمختلف أصنافها عبر سندات الطلب، دون إدارة كاملة للسجلات أو ضمان الجودة المطلوبة. خاصة عند تنفيذ الأوراش بشكل مباشر من قبل الجماعات، مع عدم نشر البرامج التقديرية للصفقات، مما يخالف القواعد القانونية المنظمة للمشتريات العمومية.
كما رصدت التقارير استخدام سندات طلب وهمية من قبل رؤساء جماعات حاليين وسابقين. هذه الممارسات أدت إلى عزل بعض المنتخبين النافذين، نتيجة لتضمنها أفعالاً يمكن تصنيفها ضمن الجرائم المالية. من بين هذه الجرائم “الغدر الضريبي”. وأثارت ملاحظات مفتشي الداخلية وقضاة الحسابات حصول بعض الرؤساء على سندات طلب بمبالغ تصل إلى حوالي 200 ألف درهم للسند الواحد. هذه المبالغ كانت تحتكرها شركات معينة لإنجاز دراسات تقنية دون تحديد دقيق للعناصر التقنية اللازمة، مما يصعب على أي منافس آخر تقديم عروضه.
وأشارت الوثائق إلى عدم التزام رؤساء سابقين بتحديد نوعية الأشغال بدقة، وطبيعة الوثائق المطلوبة كالمذكرات الحسابية والتصاميم وطرق الفحص. هذا التراخي سهّل تمرير صفقات مشبوهة، بما في ذلك مدة الإنجاز وظروف التسليم. كما تضمنت التقارير ملاحظات متكررة حول إسناد دراسات هندسة معمارية لمكاتب غير مرخصة في التخصص المطلوب. هذه الاختلالات الجسيمة في استعمال سندات الطلب تؤكد استغلالها للتحايل على مساطر الصفقات العمومية، مما أتاح لشركات محددة احتكار تنفيذ مشاريع مشبوهة وصرف نفقات بلا مقابل فعلي، ما يشكل هدراً فادحاً للمال العام.

