ملتمس حقوقي للملك محمد السادس يطالب بعفو عن معتقلي حراك الريف

شهد المغرب تقديم ملتمس هام إلى صاحب الجلالة الملك محمد السادس من قبل مجموعة من الحقوقيين والحقوقيات المغاربة، يطالبون فيه بإصدار عفو ملكي سامٍ عن باقي المعتقلين على خلفية أحداث الحسيمة. هذه المبادرة، التي تعكس الثقة العميقة في الحس الإنساني للملك، تأتي في فترة حرجة تتطلب تعزيز الوحدة الوطنية وتضافر الجهود لمواجهة التحديات المتنوعة التي يمر بها الوطن.
الملتمس، الذي صدر عن أعضاء بارزين في “المبادرة المدنية من أجل الريف”، يؤكد على أهمية تجاوز تداعيات أحداث الحسيمة، التي شهدتها المنطقة بين عامي 2016 و2017. وقد أسفرت تلك الأحداث، التي بدأت باحتجاجات اجتماعية مطالبة بالتنمية والعدالة، عن اعتقال ومحاكمة عدد من النشطاء، المعروفين بـ “معتقلي حراك الريف”. وتطالب هذه المبادرة الحقوقية بإطلاق سراح من تبقى منهم، في خطوة تهدف إلى لم الشمل وتعزيز المصالحة الوطنية.
من بين الموقعين على هذا الملتمس، شخصيات حقوقية وازنة ومعروفة بتاريخها النضالي، يتقدمهم الدكتور محمد النشناش، الذي كان عضوًا في هيئة الإنصاف والمصالحة والرئيس الأسبق للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان. كما شملت قائمة الموقعين أسماء أخرى بارزة مثل طارق النشناش، صلاح الوديع، عبد السلام بوطيب، صفي البوعزاتي، محمد بن موسى، خالد بن التهامي، نبيل بركة، بوبكر لاركو، خديجة مروازي وعبد القادر العلمي. يعكس تنوع هذه الشخصيات وخبرتها حجم الاهتمام الحقوقي والمدني بهذه القضية.
الرسالة الموجهة إلى جلالة الملك محمد السادس لم تقتصر على طلب العفو فحسب، بل تضمنت أيضًا عبارات الولاء والتقدير والاحترام للمؤسسة الملكية، والتأكيد على دورها القيادي في مسيرة التنمية والإصلاح بالمغرب. وجاء في ختام الملتمس: “وتفضلوا، يا صاحب الجلالة، بقبول أصدق عبارات التقدير والمحبة، أطال الله في عمركم، ومتعكم بموفور الصحة والعافية، وأقرَّ عينكم بولي عهدكم الأمير الجليل مولاي الحسن، ووفقكم في قيادة وطننا الحبيب”. هذه الصيغة التقليدية تعبر عن الاحترام العميق وتقدير دور الملك كرمز للوحدة والاستقرار.
يأتي هذا الملتمس ليؤكد على استمرارية النقاش حول ملف معتقلي حراك الريف، ورغبة جزء من النسيج الحقوقي والمدني في طي هذه الصفحة بما يخدم المصلحة الوطنية العليا. فالعفو الملكي يعتبر صلاحية دستورية للملك، ويمثل في كثير من الأحيان فرصة لإعادة دمج الأفراد في المجتمع وتعزيز السلم الاجتماعي، خاصة في القضايا التي تثير جدلاً واسعًا وتتعلق بحقوق الإنسان والحريات.

