البوليساريو في رسالة إلى الأمم المتحدة: “على استعداد للانخراط في مفاوضات مباشرة مع المغرب دون شروط مسبقة”

“استجابة لقرارات مجلس الأمن”، أعلنت جبهة البوليسيارو في بيان، اليوم الثلاثاء، عن تقديم نص مقترح اعتبرته”مبادرة حسن نية”للأمين العام للأمم المتحدة، في محاولة لإعادة طرح خيار “استفتاء تقرير المصير” الذي تشبثت به الجبهة لعقود، مشيرة إلى أن “المبادرة تهدف إلى تحميل جميع الأطراف المعنية بالنزاع مسؤولية متقاسمة في إنهاء الصراع بما يضمن تقرير مصير الشعب الصحراوي”.

وقالت الجبهة على لسان ممثلها لدى الأمم المتحدة بنيويورك، أنا مستعدة لـ”تقاسم فاتورة السلام مع الطرف الآخر، إذا توفرت لديه الإرادة السياسية لفعل الشيء نفسه، بهدف التوصل إلى حل عادل وسلمي ودائم يضمن للشعب الصحراوي تقرير مصيره ويستعيد السلم والاستقرار الإقليميين بما يتوافق مع مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة وأهداف ومبادئ القانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي”.وتعكس عبارة  “تقاسم فاتورة السلام” حسب رؤية البوليساريو، استعدادها لـ”تحمل جزء من أعباء التسوية السياسية، مقابل التزام الطرف المغربي والجهات الإقليمية والدولية المعنية بخطوات مقابلة تؤدي إلى سلام عادل ودائم لا يقوم على الإقصاء أو الهيمنة”.

واعتبرت الجبهة أنها قدمت “مقترحا موسعا”، إلى الأمين العام للأمم المتحدة في 10 أبريل/نيسان من عانم 2007، والذي أحاط مجلس الأمن علماً به في قراره 1754 (2007) والقرارات اللاحقة، يهدف إلى “تمكين الشعب الصحراوي من ممارسة حقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير من خلال استفتاء تحت إشراف الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، والتعبير عن استعداد الدولة الصحراوية للتفاوض مع المملكة المغربية على إقامة علاقات استراتيجية وذات منفعة متبادلة بين البلدين”.

وتسعى الجبهة عبر هذا البيان إلى تقديم نفسها كفاعل منفتح على الحوار، في وقت تميل فيه التوجهات داخل مجلس الأمن إلى دعم خيار الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب منذ عام 2007 باعتباره حلا توافقيا يحظى باعتراف متزايد من القوى الدولية الكبرى. وأشار البوليساريو إلى “استعداد الجبهة للانخراط في مفاوضات مباشرة مع المملكة المغربية دون شروط مسبق”، مع الدعوة إلى العودة إلى طاولة التفاوض وفق ما سماه مبادئ القانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي وميثاق الأمم المتحدة”، وهذا الخطاب يتناقض، مع توجهات مجلس الأمن ومسودة القرار الأمريكي رقم 2756 التي اعتبرت أن مبادرة الحكم الذاتي المغربية تشكل الأساس الواقعي الوحيد للتسوية.

ويؤشر استخدام البوليساريو لعبارة “تقاسم فاتورة السلام” رغبة الجبهة الانفصالية في الظهور بمظهر القوة الراغبة في السلام، ومحاولة رمزية لاعادة تموضع الخطاب لكن دون التخلي عن مطلب الاستفتاء في شكله التقليدي المتجاوز، كما أن البيان يأتي في لحظة دبلوماسية حساسة، تحاول فيها القيادة الانفصالية كسر العزلة المتزايدة، بفعل تراجع دعم بعض القوى التقليدية، وتنامي الاعتراف الدولي بالموقف المغربي.

يأتي بيان البوليسيارو بعد أن كشف مبعوث الرئيس الأمريكي إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، وصهره جاريد كوشنر، أنهما يعملان على التوصل إلى اتفاق سلام بين المغرب والجزائر.

وأوضح ويتكوف، وهو المبعوث الأمريكي الخاص إلى الشرق الأوسط، أنه متفائل بإمكانية إبرام الاتفاق خلال 60 يومًا.جاء ذلك في مقابلة حصرية ضمن برنامج “60 دقيقة” الشهير الذي تبثه قناة (CBS ) الأمريكية.ويحمل تصريح ويتكوف وكوشنر بخصوص الوساطة بين المغرب والجزائر دلالات سياسية تتجاوز حدود المبادرة الشخصية، حيث أعاد إلى الواجهة الدور الأمريكي في تقريب وجهات النظر بين الرباط والجزائر، خاصة في ظل تزامنه مع استعداد مجلس الأمن لعقد جلسة حاسمة أواخر أكتوبر الجاري للتصويت على مشروع قرار أمريكي جديد بشأن الصحراء، وُصف بأنه “الأكثر جرأة” منذ بداية النزاع قبل نحو خمسة عقود.

ويحدد النص المقترح وفق مسودة مشروع القرار بخصوص الصحراء المقدم من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، سقفا زمنيا واضحا للتوصل إلى حل سياسي نهائي ومقبول من الطرفين قبل 31 يناير 2026، في خطوة غير مسبوقة في مسار معالجة القضية داخل الأمم المتحدة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى