مسرحية “ممانعة” في فاس: حين يتحول الصمت إلى صرخة فنية ضد الهيمنة
صرخة "راضية" تهز خشبة المسرح في فاس.. هل يمكن للصمت أن يكون أقوى من الكلام؟

فاس – المنظار 24
قدمت فرقة “هيبآرت” للثقافة والفنون بمدينة فاس عرضها المسرحي الجديد “مسرحية ممانعة”، وهو عمل فني عميق يسلط الضوء على رحلة امرأة تكسر قيود صمتها الطويل في وجه زوجها المتسلط، وقد حظي العرض بدعم من وزارة الشباب والثقافة والتواصل – قطاع الثقافة.
تعتبر مسرحية ممانعة، من تأليف المبدعة شيماء المزين وإخراج المتميز عادل أبا تراب، استكشافًا دراميًا مكثفًا لنفسية “راضية”، الشخصية المحورية التي تجسدها ببراعة الفنانة جليلة التلمسي. تعيش “راضية” سنوات من الخضوع تحت هيمنة زوجها، لكن صمتها لم يكن استسلامًا بقدر ما كان ساحة داخلية تستعد فيها لمواجهة حاسمة ستقلب كل الموازين.
من الخضوع إلى الانفجار الدرامي
يعتمد العرض بشكل كبير على لغة الجسد والكوريغرافيا المتقنة، مما يمنح الأداء بعدًا بصريًا قويًا يعكس الصراع الداخلي للشخصية. تتحرك “راضية” على الخشبة كقوة كامنة، وتتطور حركاتها من الانحناء والخضوع إلى وقفة شامخة تعلن عن استعادة الذات. ويشارك في تشخيص هذا العمل الفني كل من زينب علجي وأمين التاليدي، اللذين يضيفان بعمق لأبعاد الصراع.

وفي لحظة درامية فارقة، تنفجر الكلمات من فم “راضية” كنهر جارف، لتتحول من امرأة خاضعة إلى قوة تفرض حضورها ومكانتها. هذه المواجهة لم تكن متوقعة بالنسبة للزوج، الذي يجد نفسه في مواجهة استسلام مطلق أمام جرأتها التي لم يعهدها، في مشهد يعيد تعريف علاقات القوة التقليدية. للمزيد عن الحركية الثقافية في العاصمة العلمية، يمكنكم الاطلاع على [المشهد المسرحي في فاس.. حركية ثقافية متجددة (رابط داخلي مقترح)].
يتميز نص مسرحية ممانعة بلغة شعرية تضفي عليه بعدًا جماليًا عميقًا، مما يضاعف من قوة الصراع الدرامي ويجعل من المعركة الداخلية لـ”راضية” تجربة مؤثرة. إنها معركة حقيقية بين ماضي الخضوع وحاضر استعادة الكرامة.
هذا العمل الفني ليس مجرد قصة فردية، بل هو دعوة مفتوحة للتساؤل حول حدود الصبر والبوح، وتأكيد على أن الصمت قد يكون أحيانًا أقوى أشكال المقاومة.
فريق عمل متكامل
يقف خلف نجاح مسرحية ممانعة فريق متكامل من المبدعين والفنيين الذين عملوا بتناغم لتقديم تجربة مسرحية غنية ومؤثرة. فإلى جانب التأليف المحكم لشيماء المزين والإخراج الرؤيوي لعادل أبا تراب، والأداء القوي للنجوم جليلة التلمسي، زينب علجي، وأمين التاليدي، اكتملت أركان العمل بفضل جهود الفريق التالي:
- تصميم السينوغرافيا والملابس: كوثر بنسجاي
- مابينغ وتأليف موسيقي: معاد بياري
- موسيقى: زكرياء المسقيم
- تصميم الإضاءة: أدم الصبير
- تنفيذ الملابس: فاطمة حموشة
- إدارة الصورة: طيب الجعفري
- إدارة الخشبة: أيوب واحمان
- التنسيق: رضا جعفري
- الإدارة والتواصل: بسمة العلج
- المحافظة العامة: محمد القدميري وحفصة السرايدي
- إدارة الإنتاج: عثمان لبيض
إن تضافر هذه الجهود هو ما منح مسرحية ممانعة عمقها الفني وقدرتها على التأثير في الجمهور.

