استطلاع يكشف تذمر 68% من المرضى من خدمات المصحات الخاصة بالمغرب

كشفت دراسة حديثة أجرتها مؤسسة Affinytix عن مستوى مقلق لرضا المرضى في المصحات الخاصة بالمغرب، حيث أعرب 68% من الزبناء عن عدم رضاهم عن الخدمات الصحية التي يتلقونها، ما يسلط الضوء على أزمة ثقة متفاقمة بين المرتفقين والمؤسسات الصحية الخاصة.
وأوضحت الدراسة، التي جاءت بعنوان “المصحات الخاصة: الحاجة الملحة لإعادة النظر في تجربة المرضى”، أن مؤشر تجربة العملاء مع القطاع الصحي الخاص لم يتجاوز 18.3 نقطة من أصل 100، وهو أدنى معدل سجلته المؤسسة عبر دراساتها المختلفة، ما يعكس وضعًا بالغ السلبية في تجربة المرضى.
وكشفت النتائج أيضًا عن ضعف كبير في الثقة بالقطاع الصحي الخاص، إذ لم يتجاوز هذا المؤشر 49.18%، ما يعكس وجود انعدام ثقة هيكلي بين المرضى والمصحات. كما أبدى 32% فقط من المستجوبين آراء إيجابية بخصوص تجربتهم، مقابل 68% عبّروا عن مشاعر سلبية، مما يدل على انتشار الإحباط بين المرتفقين.
وفي ما يخص العلاقة العاطفية بين المرضى والعلامات التجارية الصحية الخاصة، سجل المؤشر نسبة متدنية لم تتجاوز 42.4 من 1000، مما يبرز هشاشة التواصل والتفاعل بين الطرفين، ويؤكد الحاجة إلى تعزيز البعد الإنساني في الخدمات الصحية.
وأرجعت الدراسة أسباب هذا التذمر إلى عدة عوامل أبرزها شعور المرضى بعدم الاحترام والمسؤولية أثناء تلقيهم للرعاية، وضعف الاستقبال والتواصل في أقسام الطوارئ، بالإضافة إلى غياب المتابعة بعد تقديم الخدمة. ومع ذلك، سجلت الدراسة بعض التجارب الإيجابية في مدينتي فاس ووجدة، حيث أظهرت بعض المصحات الخاصة مستوى متقدمًا من الدعم والتواصل الفعال مع المرضى.
وأوصت الدراسة بمجموعة من الإجراءات الإصلاحية الرامية إلى تحسين جودة الخدمات وتعزيز الطابع الإنساني للتجربة الصحية. وشملت هذه التوصيات تدريب الكوادر الصحية على مهارات الاستماع والتواصل، وتحسين طقوس الترحيب بالمرضى، وتعزيز آليات المتابعة بعد تقديم الرعاية.
وكما دعت إلى اعتماد نظام حوكمة شهري لتتبع مؤشرات الأداء الرئيسية مثل تجربة العملاء، ومؤشر الثقة، والارتباط العاطفي، مع تصنيف المرضى بحسب الفئات لتكييف الخطاب والتفاعل مع احتياجاتهم. وشددت أيضًا على ضرورة إرساء الشفافية من خلال بوابات إلكترونية داخل المصحات، وتوفير خدمات تفاعلية مثل قسم الأسئلة والأجوبة، إضافة إلى إشراك المرضى في عملية تحسين الخدمات عبر ورشات عمل تشاركية مع الفرق الطبية.
وفي السياق ذاته، حذرت الدراسة من تحديات ديمغرافية مرتقبة، من بينها ارتفاع متوسط العمر المتوقع إلى 42 عامًا بحلول عام 2050، مقارنة بـ31 عامًا حاليًا، إلى جانب توقعات ببلوغ نسبة كبار السن فوق 60 عامًا نحو 23% من سكان المغرب، أي ما يعادل أكثر من 10 ملايين شخص. وهو ما يستدعي من الآن تحضير القطاع الصحي الخاص لاستيعاب هذا التحول وضمان جودة خدمات تراعي خصوصيات المرحلة المقبلة.
وتأتي هذه النتائج في ظل الإصلاحات العميقة التي تشهدها المنظومة الصحية بالمغرب، والتي تشمل تطوير البنية التحتية، وتوسيع التغطية الصحية، وإنشاء مجمعات استشفائية حديثة. غير أن الدراسة شددت على أن هذه الجهود لن تثمر النتائج المرجوة ما لم تترافق مع إعادة هيكلة جذرية لتجربة المريض داخل المصحات الخاصة، بما يضمن تقديم خدمات صحية تليق بتطلعات المواطنين وتستجيب لتحديات المرحلة.

