الحكومة المغربية تفرض شروطا “تعجيزية” لدعم المؤسسات للصحافة

قرار حكومي جديد يهدد بإغلاق الصحف الصغيرة

أثار قرار الحكومة المغربية تغيير شروط الدعم الموجه للصحافة موجة من الغضب والاستياء في أوساط الصحفيين والمقاولات الصحفية الصغرى وبعض السياسين. ويخشى العديد من الصحفيين والمختصين في المجال من أن تؤدي الشروط الجديدة الصارمة، والتي تفرض معايير مالية مرتفعة، إلى إغلاق العديد من الصحف المحلية والصغيرة، مما يهدد التنوع الإعلامي ويحد من حرية التعبير ويترك فراغ كبير في المشهد الإعلامي، مما قد يستغله الإعلام الموجه والممول من الخارج.

تفاصيل وشروط الدعم العمومي لقطاعات الصحافة والنشر والطباعة والتوزيع.

خصص القرار دعما بنسبة 30% من مجموع كلفة الإنتاج والأجور للمؤسسات الصحافية التي تصدر مطبوعًا دوريا ورقيا وتشغل مديرا للنشر و12 صحافيًا مهنيا على الأقل، أو للمؤسسات الناشرة لصحيفة إلكترونية وتشغل مديرا للنشر و14 صحافيًا مهنيا على الأقل، ويشترط أن لا يقل الحد الأدنى لمجموع كلفة الإنتاج والأجور عن 5 ملايين درهم، وأن يتجاوز رقم المعاملات 10 ملايين درهم في السنة السابقة لسنة الاستفادة من الدعم.

أما بالنسبة للمؤسسات ذات الحجم المتوسط، فيخصص القرار دعمًا يصل إلى 40% من مجموع كلفة الإنتاج والأجور للمؤسسات التي تصدر مطبوعا ورقيا أو تدير صحيفة إلكترونية وتشغل مديرا للنشر و9 صحافيين مهنيين على الأقل، مع شرط أن لا تقل كلفة الإنتاج عن مليون درهم وأن يتجاوز رقم المعاملات 5 ملايين درهم في السنة السابقة.

وفيما يخص المؤسسات الصحافية الأصغر حجمًا، مثل تلك التي تصدر مطبوعا دوريا ورقيا وتشغل مديرا للنشر و3 صحافيين مهنيين على الأقل أو الصحف الإلكترونية التي تشغل مديرا للنشر و4 صحافيين مهنيين على الأقل، يخصص لها الدعم بنسبة 50% من مجموع كلفة الإنتاج والأجور، كما يحدد القرار الحد الأدنى للإنفاق لهذه المؤسسات بـ900 ألف درهم مع رقم معاملات لا يقل عن مليوني درهم في السنة السابقة.

وبخصوص طريقة صرف الدعم، أورد القرار أن السلطة الحكومية المكلفة بالتواصل تقوم بصرف الدعم العمومي لفائدة المؤسسة الصحافية وشركة الطباعة وشركة التوزيع دفعة واحدة داخل أجل ثلاثة أشهر من تاريخ توقيع اتفاقية بين السلطة الحكومية المكلفة بالقطاع والشركة.

اتحاد المقاولات الصحفية الصغرى يرفض “القرار الظالم” ويؤكد على حقها في الدعم

وفي هذا السياق عقد المكتب التنفيذي لاتحاد المقاولات الصحفية الصغرى اجتماعاً استثنائياً يوم الاثنين 2 دجنبر 2024، لتدارس الآثار السلبية لهذا القرار، ووضع خطة عمل للتصدي له. كما أن الاتحاد أدانه بشدة، معتبراً إياه أنه يضرب في الصميم مبدأ العدالة والمساواة في توزيع الدعم على القطاع الصحفي.

وأشار الاتحاد إلى أن هذا القرار سيؤدي إلى إقصاء العديد من المقاولات الصحفية الصغيرة، خاصة تلك التي تعمل في المناطق النائية، مما يهدد بتقليص التنوع الإعلامي وتقويض حرية التعبير. معربا استنكاره لما اعتبره “دعماً انتقائياً” يتم منحه لبعض المواقع الإلكترونية على حساب المقاولات الصحفية الصغيرة.

وفي إطار خطواته المستقبلية، قرر الاتحاد اتخاذ مجموعة من الإجراءات التصعيدية، بما في ذلك:

  • رفع شكوى إلى وسيط المملكة، واللجوء إلى القضاء لتأمين حقوق المقاولات الصحفية.
  • التواصل مع زعماء الأحزاب السياسية ورؤساء الفرق النيابية لتأمين الدعم السياسي.
  • تنظيم حملات احتجاجية، مثل مقاطعة أنشطة وزارة التواصل، وحمل الشارات الاحتجاجية، وتعميم اليافطات الاستنكارية على كافة المقرات الصحفية، وذلك في إطار الدفاع عن حقوق المقاولات المتضررة.

الدعوة إلى العمل المشترك لحماية الصحافة المستقلة.

يواجه القطاع الصحفي في المغرب تحديات وجودية، خاصة مع تزايد الصعوبات الاقتصادية وتطور المشهد الإعلامي. يثير قرار الحكومة الأخير بتغيير شروط الدعم الموجه للصحافة تساؤلات جوهرية حول مستقبل المقاولات الصحفية الصغيرة، وهل ستتمكن من الصمود والتكيف مع هذه التغيرات؟

إن إقصاء العديد من الصحف الصغيرة عن الدعم الحكومي يهدد بتقليص التنوع الإعلامي وتقويض حرية التعبير. فالصحافة المحلية تلعب دوراً حيوياً في تغطية القضايا المحلية ونقل صوت المواطنين، وغيابها سيترك فراغاً كبيراً في المشهد الإعلامي.

أمام هذا الوضع، تطرح عدة أسئلة جوهرية: هل يتوافق هذا القرار مع الدستور المغربي الذي يكفل حرية الصحافة والتعددية؟ وهل يهدف هذا القرار إلى ترويض الإعلام وتوجيهه نحو أهداف معينة؟ وما هي الآثار الاقتصادية والاجتماعية المحتملة لهذا القرار على الصحفيين والمقاولات الصحفية الصغرى، وعلى المجتمع بشكل عام؟

هل فعلا القرار كما اعتبره المكتب التنفيذي لاتحاد المقاولات الصحفية الصغرى يعد “دعماً انتقائياً” “سرياً” تستفيد منه بعض المواقع الإلكترونية المقربة من السيد الوزير الوصي عن القطاع، عبر اتفاقيات يتم استخلاصها من صندوق النهوض بالفضاء السمعي البصري والإعلانات والنشر العمومي، الذي تبلغ ميزانيته قرابة 700 مليون درهم؟ هذا الإدعاء يطرح تساؤلات جدية حول الشفافية والعدالة في توزيع الدعم، ويستدعي فتح تحقيق نزيه وشامل.
هل هناك أجندة سياسية وراء هذا القرار؟ هل يهدف إلى تقوية قبضة الدولة على الإعلام؟ ما هي آثار هذا القرار على المجتمع المدني وعلى حق المواطنين في الحصول على معلومات موثوقة ومتنوعة؟ هل هناك تحيز في توزيع الدعم؟ وما هي الإجراءات التي يجب اتخاذها لضمان الشفافية والعدالة في هذا المجال؟ هل هناك بدائل لتوفير الدعم للصحافة المستقلة؟ وما هي الأدوات التي يمكن للصحفيين والمؤسسات الصحفية استخدامها للتكيف مع هذا الوضع؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى