منتدى الحوار البرلماني جنوب-جنوب بالرباط: تشريعات لضبط الذكاء الاصطناعي وشبكة جديدة لتعزيز التكامل المؤسسي بين دول الجنوب

شهدت العاصمة المغربية الرباط، على مدى يومين، انعقاد النسخة الثالثة لمنتدى الحوار البرلماني جنوب-جنوب بمقر مجلس المستشارين، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس. وركز المنتدى، الذي جمع برلمانيين من رابطة مجالس الشيوخ والشورى والمجالس المماثلة في إفريقيا والعالم العربي (أسيكا) ومناطق أخرى من الجنوب، على تعميق الحوار حول التنمية المشتركة والتكامل الإقليمي، وشهد دعوات لتنظيم استخدام التكنولوجيا الحديثة وإطلاق مبادرة مؤسسية هامة لتعزيز التعاون.
دعوة ملحة لتشريع الذكاء الاصطناعي
خلال جلسة مخصصة لدور التكنولوجيا الحديثة والذكاء الاصطناعي في خدمة التنمية، دعا البرلمانيون المشاركون إلى ضرورة الإسراع بسن تشريعات تؤطر استخدام الذكاء الاصطناعي في دول الجنوب. وأكدوا على الدور المحوري للبرلمانات في وضع سياسات تستفيد من الفرص الهائلة لهذه التكنولوجيا، وفي الوقت نفسه تتصدى للتحديات المتزايدة التي تطرحها، مثل الهجمات السيبرانية، انتشار الأخبار المضللة، واستهداف البيانات الشخصية. وشدد المشاركون على أن وضع ضوابط صارمة للفضاء الرقمي ومنظومة أخلاقية متكاملة يمثل أولوية تشريعية عاجلة.
نحو سيادة رقمية وتنمية شاملة
ونبه البرلمانيون إلى أن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي لا يجب أن يقتصر على الاستهلاك، بل يجب أن يتجه نحو تعزيز “السيادة الرقمية جنوب-جنوب”. وطالبوا بالاستثمار المكثف في البنيات التحتية الرقمية لتطوير الاقتصاد الرقمي. كما لفتوا الانتباه إلى الفجوة الرقمية، المتمثلة في محدودية الوصول لأدوات الذكاء الاصطناعي وغياب الولوج العادل للتكنولوجيا ونقص تغطية الإنترنت، خاصة في المناطق القروية، مما يستدعي وضع سياسات دامجة تضمن “العدالة الرقمية”. ودعوا أيضاً إلى تشجيع الابتكار المحلي والتعاون مع القطاع الخاص لمواجهة تحديات مثل تأثير الذكاء الاصطناعي على سوق العمل واحتمال اختفاء بعض المهن.
إطلاق شبكة الأمناء العامين لتعزيز التعاون
وعلى هامش المنتدى، تم الإعلان رسمياً عن إطلاق “شبكة الأمناء العامين لمنتدى الحوار البرلماني جنوب-جنوب”. وتأتي هذه المبادرة، حسب بيانها التأسيسي، لتوفر إطاراً ملائماً ومنتظماً للتبادل والحوار وبحث سبل تطوير الأداء المؤسساتي للمجالس الأعضاء. وتهدف الشبكة، التي سيتم هيكلتها عبر آليات تشاركية، إلى تقوية الكفاءات البشرية والإدارية، بلورة مبادرات مشتركة لتحديث الإدارة البرلمانية، تعزيز الوظائف الاستشارية والبحثية، وإطلاق برامج تكوينية للأطر العليا، ومد جسور التعاون مع الشبكات الإقليمية والدولية.
مبادرة رائدة لدعم الإدارة البرلمانية
ووصف الأمين العام لمجلس المستشارين المغربي، الأسد الزروالي، تأسيس الشبكة بأنه “مبادرة رائدة وشاملة وطموحة”، مؤكداً أنها ستؤسس لأرضية صلبة لعمل مشترك قائم على التعدد الجغرافي والانفتاح الثقافي والمهنية. وأبرز أنها لن تقتصر على تبادل الخبرات، بل ستعمل على إيجاد حلول مبتكرة لتحديات الإدارة البرلمانية الحديثة، ودعم بناء إدارات قوية ومرنة، تماشياً مع أهداف التنمية المستدامة المتعلقة ببناء مؤسسات فعالة ومسؤولة. بدوره، أشاد عدد من الأمناء العامين المشاركين، الممثلين للمناطق الجيوسياسية الأربع الكبرى لدول الجنوب، بهذه المبادرة، مؤكدين أنها ستقوي البنية المؤسساتية والإدارية للمجالس التشريعية وتعزز قدراتها ونجاعته